الى جانب بعضهم "وليس" وجها لوجه في جلسة الوساطة

نشر بتاريخ: 02 كانون الثاني 2010

 

اعداد خالد سليم – خبير تدريب

من المهم في الوساطة ان يتوافر مكان ملائم ومناسب لعملية الوساطة، يحافظ فيه على الخصوصية والهدوء، لان غير ذلك من شانه ان يمثل معوقا لاطراف النزاع في تحديد النزاع والتعامل البناء معه.  ليتخيل كل من ا كوسيط/ة المقاطعة المستمرة من اطراف خارجية تدخل وتخرج من مكان الوساطة، او ان مكان الوساطة في مكان الضوضاء فيه عالية، كم سيؤثر ذلك سلبا على عملية الوساطة وعلى اطراف النزاع.

 

ان من القضايا المهمة عند تحضير مكان الوساطة هو "وضعية جلوس اطراف النزاع"، حيث ان هنالك الكثير من اشكال الجلوس، لعل اكثرها شيوعا هي "وجها لوجه وضعية المواجهة" او" الى جانب بعضهم – في مواجهة الوسيط".  لقد ناقش كل من "Roger Fisher" و

 "William Ury" في كتابهم الشهير "التوصل الى اتفاق – Getting to Yes" على ضرورة الفصل ما بين الشخص والمشكلة موضوع النزاع ان وضعية جلوس "الى جانب بعضهم" تساعد في خلق جو بان طرفي النزاع يشتركان في التوصل الى حل، وذلك من خلال تركيز ليس على مهاجمة ومواجهة بعضيهما بل من خلال التعاون في مهاجمة ومواجهة "المشكلة".

 

كما ان وضعية الجلوس "الى جانب بعضهم" تحمل رسالة واضحة لاطراف النزاع لانه ومن خلال عملية الوساطة، وبمساعدة الوسيط/ فان بامكان اطراف النزاع "ان يحلا سويا" نزاعيهما.  هنالك فائدة اخرى لهذه الوضعية في الجلوس والتي تشمل:

تركيز الاطراف على الوسيط/ة والذي يحتاج الى المراجعة، اعادة الصياغة، توجيه الاسئلة، والسعي الى كسب ثقة اطراف النزاع.
مساعدة الوسيط/ة على متابعة "لغة الجسد – غير المنطوقة" لأطراف النزاع، بينما يستمع الوسيط/ة بشكل فعال لاحدهما (ان وضعية الجلوس وجها لوجه – لا تتيح للوسيط سوى التركيز على طرف واحد).
جعل الاتصال ما بين الوسيط/ة وما بين الاطراف اكثر يسرا وسهولة.
انها وضعية مرنة، تمكن الاطراف من التحرك اذا ما اقتضى الموقف الحديث المباشر فيما بينهما "وجها لوجه".
 

من الاهمية الانتباه، الى ان وضعية الجلوس يجب ان تاخذ بعين الاعتبار وجود او عدم وجود توتر عال بين الاطراف، او احتمال تصاعد الموقف الى حد استخدام العنف، حيث ان الوسيط/ة في هذه الحالة يفضل استخدام وضعية، الاطراف فيها ليست "الى جانب بعضهم" ولكنها وضعية فيها بعد ومسافة بين الاطراف.

 

كما ان من المهم الانتباه الى ان هنالك العديد من العوامل التي تتداخل في وضعية الجلوس، مثل الثقافة، الجنس، العمر، الوضع الاجتماعي والاقتصادي، الطبقة، وحتى سياق وبيئة النزاع (كما كتب عن ذلك Michelle Le Boron).  وهو ما ذهب الى التاكيد عليه كذلك

 ”John Lederach" عندما اشار الى وجود اماكن ومجتمعات في العالم ليس من تقاليدها وعاداتها الجلوس الى الطاولة.

 

يبقى ان نشير الى اهمية الانتباه الى اثر وضعية الجلوس عندما تبدا/ي كوسيط/ة في الإعداد والتحضير لعملية الوساطة.  اذا ما كان مناسبا وملائما، حاول/ي ترتيب وضعية الجلوس "الى جانب بعضهم" وليس "وجها لوجه".