قراءة نقدية كتاب الحياة مفاوضات

نشر بتاريخ: 26 نيسان 2010

 

بقلم هاني سميرات

المؤلف :

عريقات ,صائب .2008,الحياة مفاوضات نابلس ، فلسطين . كلية العلوم السياسية ، كلية الاقتصاد والعلوم الادارية ، جامعة النجاح الوطنية.

عريقات، (1955 -) شارك كطرف رئيسي في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية، حيث شارك في عقد اتفاقية أوسلو عام 1993، كما شغل منصب كبير المفاوضين الفلسطينيين من عام 1996.

ولد في القدس عام 1955، وحصل على الشهادة الجامعية من جامعة سان فرانسيسكو الأمريكية وجامعة برادفورد البريطانية- التي حصل منها على درجة الدكتوراه في دراسات السلام. بعد حصوله على الدكتوراه عمل محاضراً للعلوم السياسية بجامعة النجاح في نابلس بالضفة الغربية.كما عمل صحفيا في جريدة القدس اليومية الفلسطينية لمدة 12 عاما. وهو أول وزير للحكم المحلي في أول حكومة تشكلها السلطة الوطنية الفلسطينية بقيادة الرئيس الراحل ياسر عرفات.  

بنيه الكتاب

     جاء الكتاب في  7 فصول  حيث يقع في  277  صفحة  يبتدء المؤلف بالتعريف ببعض المصطلحات  التفاوضية  السياسية المستخدمة في  لغة التفاوض ، ومن ثم يعرض المؤلف في الفصل الاول من الكتاب تحت عنوان الحياة مفاوضات   بعض المنطلقات الاساسية في فهم عملية التفاوض  ،وقوة المفاوضات كوسيله من  الوسائل السلمية في التعامل مع النزاع ، ومفهوم وقاوعد الوساطة  ومن ثم يعرض المؤلف في الفصل الثاني من الكتاب المنهجيه الاساسية في عمية التفاوض كالفصل بين البشر والمشكلات  ومفهوم المصالح ، واليه طرح  الخيارات لخلق الارضية المشتركة ، اما الفصل الثالث والرابع يطرح المؤلف اليه الاعداد الناجح للمفاوضات ، والتقنيات اللازمة والضرورية للمفاوض على طاوله المفاوضات ، الفصل الخامس من الكتاب يشمل اهمالمهارات التفاوضية المستخدمه كمهارات ادارة الاجتماعات والعلاقه مع المسؤول ، اما الفصل السادس  فيشمل مواعيد التدريب على المفاوضات " العناصر السبعه في التفاوض "   ويختتم المؤلف في في الفصل السابع  من الكتاب بعض الامثله والتطبيقات الاكاديمية .

الهدف الاساسي من الكتاب

يهدف الكتاب الذي يقع في277 صفحة الى تحقيق عدة اهداف منها ان يكون بمثابة مقدمة  اساسية في فهم علم التفاوض في فلسطين  كاحد اهم الاشكال  االسلمية في حل النزاع"  كما يهدف الى تعريف القارىء باسس واهداف واستراتيجيات  واليه عقد المفاوضات  والكتاب بمجمله يهدف الى تكوين  المبادىء الاساسيه والضروريه .لاعداد المفاوض اعدادا كاملا

الأهداف الفرعية:

  يعتبر هذا الكتاب إسهاما نوعيا في المكتبة الفلسطينية التربوية والتي  تكاد تخلو من الكتب ذات الاختصاص بمفهوم التفاوض  رغم خصوصيه القضية الفلسطينية والتي تستدعي وجود ابحاث وكتب متخصصة في هذا المضمار ، وقد اختار المؤلف عنوان رائع  للكتاب " الحياه مفاوضات " حيث يؤكد الكاتب على ان التفاوض لا  ترتبط بالمستوى السياسي فقط بل يمكن ان يكون التفاوض في كل القضايا التي تستدعي وجود خلاف او نزاع   سواءا كانت اجتماعيه او اسياسية او اقتصادية ،  ويوضح هذا الكتاب الى حقيقيه في غايه الاهمية وهي ان  المفاوضات ليست استسلام او تنازل " كما هو متعارف عليه في المجتمع الفلسطيني لانحصار  فهم التفاوض في العملية السياسية " بل ان التفاوض هي مهارة وفن يحقق الفوز للجميع بناءا على قاعدة  العداله و الربح المشترك

وهذا الكتاب أيضا رسالة سلمية للعالم بوجود مهتمين ومتخصصين   بشكل مباشر  بإشاعة مفهوم حل النزاعات والخلافات بطرق سلمية وهو ايضا محاوله لنشر  ثقافة السلام وحل الصراع داخل المجتمع الفلسطيني  

 

نظرة نقدية في محتوى الكتاب

     رغم ان الكتاب  قيم بمعلوماته وجديد في توجهاته  الا ان القارىء لا يجد  ان هنالك تنظيما في فصول الكتاب حيث ان هذا التنظيم في  هيكليه وفصول الكتاب من شانه ان  يساعد القارئ على استيعاب المواد بسرعة اكثر  فمثلا يعرض المؤلف في الجزء الثاني من الفصل الاول عن الوساطة ومن ثم يخصص المؤلف جزءا اخر عن الوساطة في الجزء الرابع من الفصل السابع .

ومن الواضح ايضا ان هنالك تكرار في بعض  المعلومات خصوصا تلك التي تتعلق   بالارشادات العامة للمفاوض او الوسيط ،  وقد كان بامكان المؤلف اختزال الكثير من نقاط التوجيه وضبطها في مجموعه واحده خصوصا تلك التي تتشابه بالمعنى والدلاله . وقد استخدم المؤلف ايضا بعض المعلومات الوارده في الكتب الاجنبيه كما هي ، خاصة للمؤلف روجر فيشر

ادوات تحليل النزاع

ورد في مقدمة الكتاب ان المؤلف  سيحاول وضع ادوات تحليل النزاع  لسد بعض الثغرات في مجال التفاوض ، وحقيقة لم المس أي وجود لهذه الادوات خصوصا الادوات الاكثر استخداما  في تحليل النزاعات ، حتى اني لم ارى أي استخدام حقيقي لتحليل االنزاعات وفق النظريات والادوات  الحديثة لتحليل النزاع

 

تناقض واضح

من الامور الهامة و الملاحظة فيكتاب الحياه مفاوضات  ان المؤلف يطرح اسئله كثيره ومتنوعه  هذه المساله بمجملها  تقود الى ادراك القارىء  بالمفاهيم والاستراتيجيات المطروحه في الكتاب بل ان هذه الاسئله تعمق من قدرة القارىء على ادراك المعلومة بذاته  ، ولكن كان من الواضح وجود بعض الاجابات المتناقضة  والتي تسدعي الاهتمام خصوصا تلك الاسئله المتعلقه بمشاعر المفاوض اذ يؤكد  المؤلف على ضرورة تجريد المفاوض من مشاعره ومن ثم يرجع الى التاكيد على ضرورة ان يشرح المفاوض مشاعره وهذا متناقض ،  وظهر هنالك تناقض آخر في طرح المؤلف فيما يتعلق بالمصالح الشخصية للمفاوض ، اذ يجرد المؤلف المفاوض من المصالح الشخصية ومن ثم يعود للتاكيد على ان لكل مفاوض  مصالح في مضمون العلاقات الشخصية

الوساطة ... والطرف الثالث

افرد المؤلف  جزءا كاملا  لعملية الوساطة كاحد الوسائل السلمية في التعامل مع النزاع ، وقد هذف المؤلف من تضمين كتابه لعملية الوساطة الى  تعميق مفهوم الوساطة داخل المجتمع الفلسطيني  كاحد الوسائل المساهمة في حل النزاع ، ولكن كان من المهم  ان يورد  لنا المؤلف  مثالا للجسلة الافتتاحيه ، او نموذجا للاتفاق النهائي ن خصوصا ان الكتاب تضمن في الجزء الثالث من الفصل السابع مثالا " لعملية تفاوض ووساطة " ومن الغريب ان المؤلف لم يستخدم في  مثال "طلاق عادل ومنى " كلمة الوسيط رغم انه استخدم مصطلح طرف ثالث ، مع العلم ان الفرق بين الوساطة والتفاوض هي  ان الوساطة تحتوي طرف ثالث يتدخل لمساعده اطراف النزاع على الوصول الى حل نابع منهما .

نتطبيق اكاديمي نموذج قواعد الاجراء في الامم المتحدة

احتوى الكتاب في الجزء االثاني من الفصل السابع على تطبيق اكاديمي لنموذج قواعد الاجراء في الامم المتحدة ، وانا اجد ان هذا المثال مجرد من الحاله الدراسية التي يمكن تطبيق حاله مفاوضات فيها باستثناء النقطة التي تتعلق بقيمة  التطبيقات للمفاوضات ، والمثال بلا شك مهم جدا في المعلومات الوارده  خصوصا انه يركز على ضرورةجمع  بيانات ومعلومات لتفهم مصالح ومطالب  الاخرين ،

ان من المهم ان ياخذ المؤلف بعين الحسبان ضروره صقل الماده الوارده في الكتاب  بالطابع الفلسطيني /العربي وان تتناسب الافكار والارشادات  مع  السياق والثقافه الفلسطينية التي لا زالت  تفترض السوء في  عملية التفاوض  لارتباطها بتجربه التفاوض مع الاسرائيلين .

في الواقع أجد الكتاب غني بالمعلومات ، متميز في طريقه الاسئله والاجابات والارشادات المتواصله والكثيرة، وهو كتاب  لا يفترض ضروره التفاوض فقط  على المستويات السياسية بل يمكن استخدم التفاوض في كل جوانب الحياه البشريه   ويفتح الكتاب ايضا افاقا لعشرات الافكار الرائعه امام الباحثين والراغبين في التاليف في هذا الحقل خصوصا نمط المفاوض العربي او الفلسطيني ن او نمط المفاوض الاسرائيلي .  والكتاب بمجمله مساهمة مهمة فى فهم وادراك المفاهيم الاساسيه لعمليه التفاوض  وهو اساس نوعي في اعداد المفاوض اعدادا جيدا وهو كتاب متنوع في علم الوساطة  ، سيجد من يقرأه فائدة لا تقدر ، والاهم من ذلك فهو  الكتاب الوحيد المتخصص  في المكتبه الفلسطينية بشكل خاص.