المصالحة الفلسطينية افاق وامال ضعيفه

نشر بتاريخ: 07 كانون الأول 2009

 

بقلم هاني اسميرات 


بين الخوف و اللاخوف من  خطوات المصالحة  المتعثرة منذ الشهور الماضية والتي شهدنا خلالها أقصى درجات الإحساس بذنب الفوضى.وازمة الانشقاق ،  وبين القانون والفوضى شهدنا الرايات البيض التي رفعها القانون أمام الانقسام  دفعت بنا إلى قاع مظلم بعيد المدى دفع ثمنها المواطن الفلسطيني بكل مظاهر الخسارة الإنسانية والإقتصادية والسياسية.
 


المصالحة الفلسطينية  والتي مرت  بمرحله عسيرة عبر الشهور الماضية، تركت فراغا مغريا لمحترفي التطاول على الوحدة  وفرصة ذهبية لكل المستفيدين من غياب الاخوة الاشقاء ، ليتسع الصدع ، وتتافقم الامور ، وتهوي القضية الى اسفل درجات اثامها .


ورغم ما أثارته العديد والعديد من وسائل الاعلام المحلية والدولية  الآونة الأخيرة من جدل معلوماتها  عن قرب تمكن مصر من  تعميم وثيقة المصالحة الوطنية التي اقترحتها مصر للوفاق الفلسطيني على كل من حركتي حماس وفتح ، الا ان الوثيقة حتى اللحظة لم تجد مكانا لها الا  في  كنف المؤتمرات والفنادق أو على موائد اللقاءات السياسية الشهية لتبقى في  الزوايا المظلمة  رغم جميع المبادرات  والمساعي المحلية والدولية لانهاء الانقسام الا ان  ما سبق لم يكن رحيما بمستقبل المصالحة او شفيعا لرجوع الاخوة الاعداء الى العائلة .

 

      قد نشهد خلال الايام القريبة القادمة توقيعا على الوثيقة المصرية واحتفالا صاخبا وحذرا

 على التوقيع ، وربما يظن البعض بان معالم المصالحة  الوطنية قد توضحت  وان الوحدة الوطنية الفلسطينية بعد التوقيع اصبحت كامله  ، وهذا الظن باعتقادي ظنا خاطئا مشوبا بغبار التحليل السياسي الخاطىء ، وان معالم المصالحة في اشد ضبابيتها في هذه المرحلة  ، وهي ابعد ما تكون عن المصالحة الحقيقيه . أوايجاد حلول كاملة ومعالجات نهائية  لعشرات القضايا الخلافية  المطروحة و المعقدة


 حماس وفتح تبتعدان اكثر كلما اقتربتا

لقد عمقت حالة الانقسام   من  توجهات الشارع الفلسطيني  نحو التعصب ورفض الآخر, والحزبية  , ومن وجهة نظري ان حالة الانقسام ليست فقط حالة سياسية مطلقه بل هي  ايضا حالة اجتماعية ، والمقصود بذلك ان الانقسام لا يوجد فقط على هرم السلطة السياسية  بل ايضا هنالك انقسام على مستوى القاعدة الشعبية وهذا ما يفاقم حدة النزاع بين الطرفين ويجعل من الصعوبة  تحديد الاطراف الفرعية للنزاع

 

وتبتعد كلا الحركتين في هذه المرحلة من بعضهما كلما اقتربتا ، للاختلاف الكبير بين الاهداف والاجندات المعلنة والمخفيه ، ولطبيعة الوضع السياسي  المضطرب والمتغير للقضية الفلسطينية ، خصوصا في هذه المرحلة التي تشهد "مزاجية سياسية" واضحة سواءا على الصعيد الخارجي او الصعيد المحلي الداخلي ، وربما  ستتوضح هذه المزاجية اكثر قريبا جدا خصوصا في مرحلة الانتخابات المقبله ، او اذا ما شهدنا  توقيعا على الورقة المصرية.

 

 والمقصود هنا بالتوقيع على الاتفاقية هو الممارسة العملية والحقيقية لطقوس المصالحة   ولا نقصد هنا بمصالحة المواقف كالاقتصار فقط على  الاشهار بقبول المصالحة، او التوقف عن الاتهامات ، او التراشق الاعلامي ، او الانتقاد ، القتال ، او الاعتقال السياسي  دون ان تكون هذه المصالحة قد عالجت فعلا القضايا العالقة بين الطرفين  او لامست مصالح واحتياجات  الاطراف المتنازعة او عالجت  القيم لاطراف النزاع المتمثلة بالمحبه والاخوة والتفاعل الوطني ،واحترام الاخر ، وحسم قضية الثوابت الوطنية  والمرجعيات والاعتراف بالاخر  والمصير المشترك.

 اضافة الى ذلك ان تكون هذه المصالحة مصالحة في السياق بمعنى ان يكون هنالك توافق ولو جزئي  ما بين مؤسسات فتح وحماس في الرؤية الوطنية  وتقارب في  هيكلية السلطة ومنظومة العمل الوطني  وتقارب في هيكلية  بناء الدوله ، ومنظومة الحركة التحررية ، وتوافق ولو جزئي في هيئة وشكل الدوله القادمة ، وان يكون هنالك مركزية في القرار السياسي   اي بمعنى اننا بحاجة الى مصالحة في القيم والسياق   وليس فقط في المواقف.


والسؤال الذي يطرح نفسه

هل يمكن ان نشهد مصالحة سليمة  وفق قواعد المصالحة الحقيقه؟

     باعتقادي ان اي نزاع لا يتم تغيير وتعديل القيم والسياق فيه يبقى  هذا الخلاف قائم  وربما يتغير شكل هذا النزاع من نزاع ظاهر الى مخفي او سطحي ولكن يبقى هذا النزاع قائم وقابل  للرجوع الى الذروة  في اي وقت، والمشاهد  لاحداث المصالحة الفلسطينية وواقع الحركتين يجد ان مرحلة المصالحة غير مكتمله اطلاقا والدليل على ذلك هو مشاعر الحقد والكره والاتهام التي لم تختفي طيله فترة النزاع حتى اللحظة والاختلاف الجذري  لسياق الحركتين  سواءا كان ذلك على مستوى  الهرم السياسي او مستوى القاعدة بالاضافة  والى الاختلاف الجذري ما بين هيكلية السلطتين في الضفة والقطاع.